الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016

الـــنـــورس الأســـود













ذلك الصباح ليس كأي صباح ، كان مختلفاً يحمل في دقائقه أمراً غريباً .

على غير العادة انتاب " غيداء " شعورٌ غريب جعلها تنهض من رقدتها متنبهة ، تنظر في أرجاء الغرفة متحفزةٌ لشيء ما لا تعرف كنهه سيحدث ، كان منظرها يدعو للتساؤل : ما الذي أيقضها بهذه الصورة ؟ ربما نداء أمها لها خلف الباب!.
بضعاً من الدقائق حتى أفاقت من لوثة النوم فالتقطت هاتفها المحمول وفتحته وما إن قرأت ما وردها حتى شهقت مصدومة ثم رفعت رأسها في ذات اللحظة لدخول والدتها ، سألتها بصوتٍ مختنق : أمي ما الأمر ؟ ماذا حصل أمس ؟.

جلست الأم بقرب ابنتها " غيداء " وبنبرةٍ هادئة مشوبةٌ أسى : أدعي لخالتكِ ... إنها في مرحلةٍ حرجة .
ردت غيداء بصوتٍ مبحوح من أثر خبرٍ ما لا تريد تصديقه : لكن قرأت " إنا لله وإنا إليه راجعون " أجيبيني ما الذي حدث ؟
أجابت الأم بين دموعها في اللحظة التي شهقت غيداء : لقد توفيت خالتكِ مساء الأمس .. رحمها الله.

بكتا سوياً للفاجعة لكن ما لبثتا أن تصبرتا ، تحولقتا واسترجعتا ثم نهضت غيداء من فراشها وغادرت الأم الغرفة ، أصاب غيداء شيءٌ من البرود وعدم الرغبة في عمل أي شيء ، فقدت رغبتها للطعام والشراب ، فقدت رغبتها لكل شيء وسافرت بذاكرتها إلى تلك اللحظات والمواقف التي جمعتها بالخالة الراحلة.

لم يكن هذا الرحيل بهينٍ على قلوب أفراد العائلة بالذات من كانوا جوارها في لحظات النزع الأخيرة ، الحزن عم أرجاء البيت ورفرف الألم في قلوب أحبابها فكلٌ يحمل لها حُباً متجذراً ، مختلفاً ، حبٌ بلا مصالح ولا اعتبارات ، كان فقدها ألماً لم يستطع أحدٌ منهم تجاوزه لأن من رحلت لم تكن امرأة عادية ، فهي امرأةٌ استثنائية وبكل المقاييس.


بعد سويعات تحلقن أخواتها وبناتهن حولها وهي مسجاةٌ بكفنها وبوجهٍ ملائكي هادئ كان آخر عهدهن بها ، حان دور غيداء فاقتربت منها، نظرت إلى عينيها وملامح وجهها الهادئة بتلك الابتسامة الحلوة تنم عن سعادتها ورائحتها ، دنت منها وقبلت جبينها قائلة :
سأشتاقٌ لكِ جداً... سامحيني.

صمودٌ وقوة وصبر رُبِطَ به على قلبها على الرغم من أنها موقنة بأنها لن تراها ولن تجالسها مجدداً لكنها كانت مؤمنة بقضاءه وقدره بأنها رحلت إلى الرحمن الرحيم  وهذا ما جعلها تهدأ ويخف عليها فجيعة الرحيل ، هكذا هي غيداء في هذه المواقف تتحمل وتصبر وتُظهر قوةً وجلداً يجعلها أكثر هدوءً ولا تُظهِر ضعفها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق