الأربعاء، 24 فبراير 2016

هــل هــم ....؟!.








تبتسم بارتباك.. تمد يمناها بوريقةٍ صفراء مقطَّعة الأطراف ... وجهها المشع بياضاً من حجابها الأسود ووقفتها شبه منكسرة وهي تنتظر خلف زجاج موظفة البنك كي تنهي لها إجراءاتها ، يبدو أنها لن تستطيع الولوج لفهم المعاني الظاهرة على محيا الأخيرة لكنها وقفت وقفتها تلك تنتنظر.

" مراجعة رقم 77 تتفضل للمكتب رقم 2 " تناهى صوتٌ يميل الخشونة من خلف إحدى المكاتب وكان هذا النداء موجهاً لتلك البيضاء الصامتة ، لم تفهم أنها المقصودة بالنداء لأنها ببساطة لا تفهم تلك اللغة التي تتحدث بها الموظفة ، أخذت تنظر حولها بحيرة وبلمح الصدفة شعرت بلكزةٍ خفيفةٍ على خاصرتها من السيدة الجالسة بجانبها، نظرت إليها فأشارت لها بشاشةٍ الأرقام حيث ظهر رقم 77 ثم أشارت لها بالرقم الموجود على ورقتها وأيضاً لم تفهم فالرقم مكتوبٌ باللغة العربية ولكن بقليل من التركيز والربط فهمت أن الدور دورها ، أسرعت بالنهوض والتوجه لذلك المكتب وجلست قبالة الموظفة وسلمتها الأوراق وهي تنتظر أن تنهي لها اجراءاتها بنفسٍ طيبة وابتسامةٍ لبقة كما اعتادت في بلادها لكن هذا لم يحدث ، بعد سويعةٍ من الصمت أنهت الموظفة المعاملة وأخذت ورقةً مطبوعة خرجت لتوها من الطابعة وسلمتها بهدوء لهذه السيدة قائلةًً لها :
" سيصله التحويل بعد يومين من إيداعكِ ذلك بأننا لا نتعامل مع ذلك البنك لكن سنحاول الإسراع في انجازها وسنوافيك برسالة حين وصولها " حقيقةً لم تفهم كلام الموظفة لكن هزت رأسها مبتسمة ومدت يدها رغبةً في المصافحة لكن الموظفة تجاهلتها وهي تحتسي قهوتها وتتحدث حديثاً جانبياً مع زميلتها في المكتب المقابل .

خرجت من البنك كسيرة الفؤاد وركبت السيارة حيث ينتظرها زوجها طوال الوقت وسألها حينما لاحظ الحزن على وجهها :
" ما بالكِ حزينة ؟ أرفضوا إنجاز المعاملة ؟"
هزت رأسها نفياً بصمت ثم نظرت إليه وهي تدس الورقة في حقيبتها وأجابت :
" بل أنهوها بمنتهى السرعة ".

" جيد .. ما الذي يضايقكِ إذن !؟ "

" لا شيء لكن لم أتوقع ما حصل " .

" وما الذي حصل ؟ "
" موظفات البنك يبدين عابسات الوجوه وكأني قاتلة مأجورة جاءت لتنسفهم ".

" ربما ضغط العمل فالساعة الآن توشك على الثالثة ".
" لا أظن فحتى في بلادنا دائماً مبتسمي الوجوه على الرغم من الضغط الكبير عليهم في أعمالهم " .
" لا تعطي الموضوع أكبر من حجمه وأعذريهن ".
" حسنٌ ... سأفعل ".

وصلت السيارة إلى منزلهما البعيد عن البنك ونزلت السيدة وهي تفكر : " هل كل الموظفات في مختلف الدوائر الحكومية النسائية كذلك مع الأجانب ؟ ، هل هم لبقين مع أبناء بلدهم ؟ " تمنت لو بقيت لتلاحظ وتجد إجاباتٍ شافية لتساؤلاتها تلك.