الجمعة، 10 يونيو 2016

حــبٌ مع وقــف التنفيذ.








صباحٌ هادئ ، رتيب لكنه غير عادي ، تنبعث رائحة القهوة العربية الفائرة على الموقد ممزوجةٌ برائحة البخور العبقة وقد غًلِّقت النوافذ والأبواب كي تبقى الرائحة ثابتة ، وقع كعبٍ نسائي يتناهى من تلك الحجرة الكبيرة ذات الأثاث البسيط الفخم ، كانت صاحبة تلك الخطوات تقف أمام المرأة تضع لمسات زينتها الأخيرة على وجهها وتغرق ثيابها بالعطر الفرنسي الثمين وبأنفة الأنثى الجميلة تخرج من الحجرة وتتوجه لحجرة الجلوس حيث وُضِعَت دَّلة القهوة وبضع تمراتٍ في طبقٍ صغير في صينية ٍ فضية على تلك المنضدة الزجاجية المصقولة بين تلك الأرائك الزرقاء ، جلست وما إن رفعت أناملها حتى كان فنجان قهوتها السوداء يستريح على راحتها فاحتست منه القليل ثم تناولت الصحيفة واستغرقت في القراءة .

باب البيت يُفتح ويدخل زوجها في نفس الأثناء التي فتحت فيه الخادمة النافذة الكبيرة لتداعب نسمات الصباح الباردة وجه السيدة الجميلة ويطير خصلات شعرها ، كان منظرها فاتناً بثوبها الأبيض الفضفاض وأقراطها الذهبية التي تغلفها خصلات شعرها الأسود ، ذًهل لما رآه وكأن به واقفاً أمام إحدى حوريات الجنة ، ناول حقيبة عمله ومعطفه للخادمة التي لم يلحظ اقترابها منه أمام افتتانه بزوجته  ، بعد برهةٍ اقترب منها وحياها فردت تحيته بأناملها الرشيقة  وعينيها مستغرقتان في القراءة ، جلس بجوارها وسألها عن صباحها فابتسمت ابتسامةً صفراء مكملةً ارتشاف قهوتها وبعد هنيهة قالت له : لقد أُعِدَت قهوتك العربية تناولها ثم أدخل واستحم .

سألها : ألن نتناول الإفطار معاً ؟ ، أجابته وهي تنظر لساعة معصمها : لا أظن . ، سألها : ولماذا ؟ . طوت الصحيفة ووضعتها على الطاولة أمامها ثم تناولت حقيبتها الذهبية وغادرت دون أن تنبت ببنت شفة ، شعر الزوج بالاحباط مما جعله  يجيب نفياً على سؤال الخادمة بشأن الإفطار وطلب منها أن لا توقظه من رقدته ولا تزعج خلوته بطرقها الباب ، انصاعت الخادمة لأمره وانصرفت لشأنها ودخل هو حجرتهما ، على الرغم من اجتماعهما في بيتٍ وحجرةٍ واحدة إلا أن قلبيهما بعيدان عن بعضهما بعد المشرق والمغرب ، بعد أن استحم وارتدى ملابس النوم حتى ألقى نفسه على السرير وصمت مستغرقاً في التفكير ليجد نفسه دون أن يشعر يفكر بزوجته ويتسائل : لما لم تعد تحفل بي ؟  ما الذي حصل ؟ لقد كانت تعتني بأدق التفاصيل التي تخصني وتسعى جهدها لراحتي وسعادتي ، هل وجدت قلباً آخر يسرقها مني ؟ .

ما كاد ينتهي من تساؤلاته حتى حلَّ عليه زائر النوم فراح في سباتٍ عميق حتى انتهى اليوم ولم تنتهي تساؤلاته ، وردته رسالةُ على هاتفه في نفس اللحظة الذي انطفأ لانتهاء شحنه ولم يعلم بأن تلك الرسالة هي أهم من أن ينساها بنومه .