الاثنين، 3 أبريل 2017

حــيـــفــا







وضعت يدها المعروقة برفق تتلمس غصن تلك الشجرة ، تنظر في الأرجاء وتتنهد ، تتأمل التفاصيل العميقة وتعيد الكرّة إلى ذلك الماضي البعيد ، عيناها تلمعان بشعاع  الشفق الساتر لغروب شمس ذاك النهار، وعلى حين نسمة لاعبت خصلات شعرها الحريري الأسود نزلت دمعاتٍ حرَّى وقلبٌ يخفق بشدة ، ينبض حنيناً ، حزناً وألماً على ماضٍ أليمٍ لن يعود والأمل كذلك ..، ليتها بقيت في القلب لا تغادره وليتها أجَّلت رحيلها عنه حتى يهنأ بوجودها وحبها لكن قضاء الله كان أحكم وأقوى من أن تقرر هي.


"حــيــفــا " تلك السمراء الحلوة التي وُلِدَتْ وكَبِرَت بعيداً عن مدارج عائلتها التليد ، من شوق وحب والدها لمدينته قرر أن يراها لكن تمشي أمامه وحينما ولدت وحيدته سماها على اسم معشوقته " حــيــفــا " فولدت كمدينتها تغشاها السكينة والألم والحنين ، ولمَّا كبرت تمنت أن تكون كمدينتها البعيدة وتعود لها .

حين تمشي تلك الجميلة في أرجاء السهل القريب من كوخ العائلة البسيط تلفحها نسماتٍ طيبة ذات شذى الياسمين فتقف وتنشقها بكل حُبٍِ وشوق ، شيءٌ من رغبة، حب ، حنين ، يجتاحها فيجعلها تجثو على ركبتيها وتخبيء عيناها الجميلتان بكفيها الرقيقين تبكي. 



" حــيــفــا " حبيبتي...

وطنكِ سينهض من جرحه وألمه وسيعود ليحتضنكِ بين أعطافه ، ستركضين في ثناياه تضحكين متوشحةً تلك السعادة وتغنين أغنية النصر ، ستغرسين فسيلتكِ الخضراء في حديقة منزلكم هناك وستولينها رعايتكِ وحبكِ ، ستؤسيين عائلتكِ الصغيرة ، تنجبين وتربين أبطالاً تحكين لهم قصة العودة حيث ستولدين من جديد لكن هذه المرة ولادةً حقيقية حيث سيُكتب في شهادة ميلادكِ " اليوم وُلدت الجميلة " حــيــفــا " بأمها " حــيــفــا ".