السبت، 22 سبتمبر 2018

وشــــق








 في ذاك النهار الصيفي القائض وعلى تلك الكثبان الرملية السمراء  المتحركة  وقف الوشق رافعاً رأسه بشموخ وقد لفته صقرٌ يُحلق في السماء ، كان ينظر إليه بحسد إذ أنه يُحلق على عكسه ، رفع رأسه أكثر يتابع تحليقه وتلقائياً رفع ذيله للأعلى كمن يعرض عليه الوقوف على لكن الصقر لم يفعل ، كان مشغولاً بعنفوان التحليق ولم ينتبه لم يترصد له .

( هذه الصحراء مليئة بالتناقضات والغرائب  كما الحياة ) .

الوشق حيوانٌ بري رشيق يستطيع الهروب والإختباء في حالة الخطر بعكس الصقر الذي يقع صريعاً إذا أُطلِقَ عليه النار من أحد صائدي الحيوانات البرية ركض الوشق بمنتهى الرشاقة يتابع مسار الصقر وكأنه يجاريه كمن يحاول الطيران بلا أجنحة  " تنقصه الرضا والقناعة " ، يقفز في الهواء ملوحاً بقوائمه الأربعة كالطيران لكن عبثاً حاول ، ومع محاولاته تلك فوجيء بشيءٍ حار يخترق جانب بطنه ويسقطه على ذلك الكثيب منتفضاً يحاول مقاومة الألم ، ذلك الذي حدث له طلقٌ ناري لصيادٍ عابرٍ بسيارته رباعية الدفع يبحث عن صيدٍ ثمين ونادر ليحصل عليه وقد وجد مطلبه في تلك اللحظة ، بعد إطلاقه للنار ترجل من سيارته متجهاً نحو الوشق الناجع بدمه وعلى بعد خطوات نظر إليه متفحصاً إن كان قادراً على الحركة أم لا ليجده أضعف وأوهى من أن يفعل حينها أحس بالاطمئنان فاقترب بحذر ولكزه لكزاتٍ خفيفة قبل أن يدنو منه مخرجاً حبلاً طويلاً غليظاً ويربط قوائمه الأربعة وفمه وسحبه خلفه إلى سيارته حتى أصبح خلف سيارته فحمله ووضعه في حوض سيارته وربط الحبل جيداً بإحدى القضبان الحديدية وأحكم إغلاق " بويب " الحوض ، رفع بندقيته ونظر إلى فوهتها  وابتسم شاعراً بزهوٍ خالطه نشوة النصر ثم توجه عائداً إلى مكانه خلف المقود وقاد سيارته عائداً إلى وجهته التي أتى منها .

في مساء ذلك اليوم أصبح الوشق وجبةً دسمةً لإحدى الشخصيات المهمة في البلاد والذي يملأ حياته الترف بعد أن أهداه الصياد جلد الوشق كوسادةٍ فاخرة يتكيء عليها.


" الإنسان أحياناً ينظر إلى ما يتميز به غيره وينسى أن ما يميزه ربما يكون أفضل له هو لكن تنقصه القناعة والرضا بما يملك ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق