الاثنين، 30 ديسمبر 2019

رسالة لن تُقرأ









مساءُ خريفي هادئ ، رهبة تلك الليلة كرهبة الموت ، ذلك السكون الأبدي الخانق  ( للبعض) يجعل من ذكره قشعريرة للأبدان وارتعاش القلوب ، تخلل ذلك الهدوء نقراتٍ مكبوتة على لوحة المفاتيح تخترقه رائحة القهوة في ذلك الفنجان الخزفي العتيق وشعاع القمر المكتمل في علياه يتسلل بحنان عبر زجاج النافذة ، أنفاسٍ تتصاعد بتوتر وعيونٍ مركزة على تلك الشاشة التي حوت بعض الحروف المكتوبة على تلك الصفحة البيضاء ، من يكون في ذلك المكان يُخيل إليه أنها مؤامرةٌ ما تُحاك لكن أياً من هذا غير صحيح ، الأمر ببساطة أن رسالة ما تُكتب بانتظار أن تُقرأ ، من صاحب الرسالة وإلى من ستُرسل ؟. 

الاثنين، 5 أغسطس 2019

"حــيــاة "






نتيجة بحث الصور عن الطبيعة الغناء




صباحٌ جميل ، مختلف ، يشع بهاءً ونقاءً وراحة ، وينبض بالحياة . 

بتغريد العصافير ، وشدو البلابل ، وسرح الأيائل في تلك الطبيعة الوديعة  وطقسٍ لطيف يغري بالابتسامة والشعور بالراحة ، ويدعو الشعراء والأدباء لكتابة آلاف النصوص الملهمة ، الزرع والأشجار لا تقل بهجةً عن الطقس والكائنات المنتشرة في أرجاء الطبيعة فهي الأخرى تتمايل بطربٍ وانتشاء وتحنو على الورد ليزهر وينشر عبقه في المكان ، والشمسُ كأمٍ رئوم تحتضنهم بلطفها ودفئها الحنون. 

" من قال أن الطبيعة تنضب !!؟ ، بل هي تنبض

سيمفونية الصباح تُعزف ، وهزات الناي تتهادى بلحنٍ حزينٍ شجي آتياً من خلال ظلال تلك الشجرة الوارفة وكروم العنب التي تحيط تلك الأرجاء وعروش الكرز والتوت والفراولة  لا تقل عنها بالوفرة التي جعلت لذلك التنوع اللوني لذته .

قليلاً من الوقت وتتهادى بعض قطعان الماشية على ذلك المرج الأخضر فتضفي إلى تلك اللوحة جمالاً وهدوءً مختلفاً ، صوتها المميز يعطي لتلك الطبيعة الوادعة حياةً ممزوجةً بطعم اللذة ، تلك القطعان التي لا راعٍ لها ، فالطبيعة هي أمها الحاضنة . 

كل هذا النعيم ولم تصله بعد يدٌ البشر!! ، لم تتدخل في هذه العذراء المتكئة بدلالٍ على الديباج ،المتوسدةَ ذلك الإطمئنان الجميل، وتحتسي كأساً من مُدامٍ تستقيه من تلك البحيرة النابعة بالحياة والصافية كمرآتها السحرية . 

من يزور لذلك الجمال يذهل به ، يؤخذ بسحره ، يدمنه ، ويقسم ألا يغادره ، فمن يشرب العشق لن يحيد عنه  بل سيستوطنه ويرضاه ملجأً أبدياً. 

قد  أعجز عن الوصف أكثر ، لكن هنالك من النعيم ما لا نستشعره ما لم نراه ونعيش تفاصيل جماله  ، فالحياة وليدةً بجمالٍ لا ينضب لكن لن يجد ذلك الجمال ويستشعره إلا قلة . 

و " حياة " كانت ثمرة ذلك العشق والجمال . 

* " ماذا تعنين بحياة ؟
- لن أفصح عن كينونة المعنى لكن سأترك لكم مساحةً لوضع الفرضيات حتى تصلوا للب المعنى. 




                                                                                            تصبحون على خير 
                               



                                                                                           ( فجر الثلاثاء 
                                                                                                   6/8/2019م - 5/12/1440 هـ

الاثنين، 29 يوليو 2019

بــوح








أشرقت شمس ذاك اليوم ليشهد كعادته يوماً جديداً كسالف عهده ، وقفتُ عـنـد النافذة أشهد مع الشمس بداية ذلك الصباح وأنا أحتسي قهوتي الفرنسية، وأفاجأ دائماً بأن نور الحجرة ما عاد قادراً على الإلمام بذلك البريق الدافيء المبتسم لي من علياءه. 

احتضنتُ كوبي وضممته لصدري وأنا أتنسم هواء الصباح العليل ملء رئتي ، ابتسمت وأنا أنصت للأنغام الهادئة ، تلك التي اعتدتُ عليها في سنيّ صباحي الأُوَل ، طرتُ معها في عالمٍ مختلف ، عالمٍ جميل، عالمٍ يزداد رونقاً وجمالاً كل صباح ويزداد عفويةً وصفاءً. 

كان المكان أجمل من أن أصفه ، والصباح أرق من أن أصوغه بالمنظوم المسطور من القول ، اكتفيتُ حينها بدفء قهوتي وعذوبة الإحساس بالشذا العابق في المكان. 

كم كان شعوراً مبهجاً حيما استفقتُ من سكرة النشوة لأجد أجمل الأشخاص في حياتي وأروعهم وجوداً في قلبي يحيطون بي إحاطة عقد الدُرَ على جيد الجميلة الخضراء من الطيّبات الحسان. 

عانقتهم وكلي سرورٌ وغبطةً وفخراً لأنهم هم من آكد أسباب الهناء والسعد في حياتي. 

أحبهم... 

نعم.. 
أحبهم 

ذلك القلب الذي يضج بخفقاتٍ دنت منهم ونطقت بهم. 
وتلك الروح التي عانقت ابتهاج نسائم أرواحهم. 
وتلك العينان التي أقسمت قسماً أن لا تجعل لغيرهم نوراً تبصر به .
ولا شعاعاً صباحياً تفيق به من غيبة النوم الطويل. 
وتلك الأنسام الدافئة لتي يجيش بها الصر في تنهيداته المشتاقة. 
سأبقى بهم ومعهم على العهد 
على العهد متجدداُ ، صادقاً 

أبــد الـدهـــر. 

السبت، 22 سبتمبر 2018

وشــــق








 في ذاك النهار الصيفي القائض وعلى تلك الكثبان الرملية السمراء  المتحركة  وقف الوشق رافعاً رأسه بشموخ وقد لفته صقرٌ يُحلق في السماء ، كان ينظر إليه بحسد إذ أنه يُحلق على عكسه ، رفع رأسه أكثر يتابع تحليقه وتلقائياً رفع ذيله للأعلى كمن يعرض عليه الوقوف على لكن الصقر لم يفعل ، كان مشغولاً بعنفوان التحليق ولم ينتبه لم يترصد له .

( هذه الصحراء مليئة بالتناقضات والغرائب  كما الحياة ) .

الوشق حيوانٌ بري رشيق يستطيع الهروب والإختباء في حالة الخطر بعكس الصقر الذي يقع صريعاً إذا أُطلِقَ عليه النار من أحد صائدي الحيوانات البرية ركض الوشق بمنتهى الرشاقة يتابع مسار الصقر وكأنه يجاريه كمن يحاول الطيران بلا أجنحة  " تنقصه الرضا والقناعة " ، يقفز في الهواء ملوحاً بقوائمه الأربعة كالطيران لكن عبثاً حاول ، ومع محاولاته تلك فوجيء بشيءٍ حار يخترق جانب بطنه ويسقطه على ذلك الكثيب منتفضاً يحاول مقاومة الألم ، ذلك الذي حدث له طلقٌ ناري لصيادٍ عابرٍ بسيارته رباعية الدفع يبحث عن صيدٍ ثمين ونادر ليحصل عليه وقد وجد مطلبه في تلك اللحظة ، بعد إطلاقه للنار ترجل من سيارته متجهاً نحو الوشق الناجع بدمه وعلى بعد خطوات نظر إليه متفحصاً إن كان قادراً على الحركة أم لا ليجده أضعف وأوهى من أن يفعل حينها أحس بالاطمئنان فاقترب بحذر ولكزه لكزاتٍ خفيفة قبل أن يدنو منه مخرجاً حبلاً طويلاً غليظاً ويربط قوائمه الأربعة وفمه وسحبه خلفه إلى سيارته حتى أصبح خلف سيارته فحمله ووضعه في حوض سيارته وربط الحبل جيداً بإحدى القضبان الحديدية وأحكم إغلاق " بويب " الحوض ، رفع بندقيته ونظر إلى فوهتها  وابتسم شاعراً بزهوٍ خالطه نشوة النصر ثم توجه عائداً إلى مكانه خلف المقود وقاد سيارته عائداً إلى وجهته التي أتى منها .

في مساء ذلك اليوم أصبح الوشق وجبةً دسمةً لإحدى الشخصيات المهمة في البلاد والذي يملأ حياته الترف بعد أن أهداه الصياد جلد الوشق كوسادةٍ فاخرة يتكيء عليها.


" الإنسان أحياناً ينظر إلى ما يتميز به غيره وينسى أن ما يميزه ربما يكون أفضل له هو لكن تنقصه القناعة والرضا بما يملك ".

بــســـمــة




خالتي الحبيبة . 


ها هو عامٌ ثالث يمضي مُذ رحيلكِ وكأنكِ غادرتنا بالأمس ، شعورٌ مؤلمٌ بالحنين والشجن والفقد يعلو كينونة قلبي ذلك أني بدأتُ _ وككل عام _ أشعر برغبةٍ شديدةٍ برؤيتك ، الحديث معكِ ، الشعور بكِ وبوجودكِ ، لكن أعود لواقعي المرير ذلك أني لن أراكِ مجدداُ إلا في الأحلام ، ولعلمكِ بحاجتي لذلك أجدكِ تزوريني دائماً في أحلامي وأنتِ بعد رحيلكِ حنونة محبة _ كما كنتِ في حياتكِ _ لم يهن عليكِ تركي أشتاق لكِ لدرجةٍ كبيرة.


خالتي الحبيبة..

لم أكن أتخيل أنكِ ستغادريننا بهذه السرعة ، ولم أشعر بذاك الوجع كما شعرتُ به بعد رحيلك ، كل الأحبة لهم مكانةً في القلب ورحيلك موجع لكن يبقى رحيلكِ يجلد الفؤاد ، كم أتمنى لو بقيتِ حية لأستمتع وأسعد بتفاصيل حضوركِ الذي لم يغادرني لحظة فأنا لا زلتُ أذكر كل شيء فيكِ ( صوتكِ الدافئ الحنون ، ضحكتكِ الفرحة ، حركاتكِ ،وجهكِ ، كل شيء .. كل شيء )، لا زلتِ وستبقين تعمرين القلب والروح وسيبقى حضوركِ طاغٍ في حياتي كأن لم تغادري بلا عودةٍ ، لكن أرجوكِ لا تغيبي عن أحلامي وكوني مخلصة وفية معي كما عهدتكِ..

                                                                                          أحــبــكِ جــداً .. جــداً.

                                                                                                   الثلاثاء

                                                                             8/1/1440هـ  الموافق 18/9 / 2018م

الاثنين، 3 أبريل 2017

حــيـــفــا







وضعت يدها المعروقة برفق تتلمس غصن تلك الشجرة ، تنظر في الأرجاء وتتنهد ، تتأمل التفاصيل العميقة وتعيد الكرّة إلى ذلك الماضي البعيد ، عيناها تلمعان بشعاع  الشفق الساتر لغروب شمس ذاك النهار، وعلى حين نسمة لاعبت خصلات شعرها الحريري الأسود نزلت دمعاتٍ حرَّى وقلبٌ يخفق بشدة ، ينبض حنيناً ، حزناً وألماً على ماضٍ أليمٍ لن يعود والأمل كذلك ..، ليتها بقيت في القلب لا تغادره وليتها أجَّلت رحيلها عنه حتى يهنأ بوجودها وحبها لكن قضاء الله كان أحكم وأقوى من أن تقرر هي.


"حــيــفــا " تلك السمراء الحلوة التي وُلِدَتْ وكَبِرَت بعيداً عن مدارج عائلتها التليد ، من شوق وحب والدها لمدينته قرر أن يراها لكن تمشي أمامه وحينما ولدت وحيدته سماها على اسم معشوقته " حــيــفــا " فولدت كمدينتها تغشاها السكينة والألم والحنين ، ولمَّا كبرت تمنت أن تكون كمدينتها البعيدة وتعود لها .

حين تمشي تلك الجميلة في أرجاء السهل القريب من كوخ العائلة البسيط تلفحها نسماتٍ طيبة ذات شذى الياسمين فتقف وتنشقها بكل حُبٍِ وشوق ، شيءٌ من رغبة، حب ، حنين ، يجتاحها فيجعلها تجثو على ركبتيها وتخبيء عيناها الجميلتان بكفيها الرقيقين تبكي. 



" حــيــفــا " حبيبتي...

وطنكِ سينهض من جرحه وألمه وسيعود ليحتضنكِ بين أعطافه ، ستركضين في ثناياه تضحكين متوشحةً تلك السعادة وتغنين أغنية النصر ، ستغرسين فسيلتكِ الخضراء في حديقة منزلكم هناك وستولينها رعايتكِ وحبكِ ، ستؤسيين عائلتكِ الصغيرة ، تنجبين وتربين أبطالاً تحكين لهم قصة العودة حيث ستولدين من جديد لكن هذه المرة ولادةً حقيقية حيث سيُكتب في شهادة ميلادكِ " اليوم وُلدت الجميلة " حــيــفــا " بأمها " حــيــفــا ".




الاثنين، 12 ديسمبر 2016

عــيـــون الــقــلــب






                         




فتح باب غرفتهما مُطلاً برأسه يبحث بعيونه عنها في أرجاءها حتى صدفها تخرج من حجيرة ملابسها فابتسم لرؤيتها وغافلها من خلفها _ حيث لم تنتبه  لوجوده _ مد أمام عينيها بوردةٍ حمراء ندية ، نظرت للوردة متفاجئة فهي لم تتوقع شيئاَ كهذا في ذاك الصباح، إلتفتت إليه لتجد وجهاً بشوش ينظر إليها بعشق ، ابتسمت له بعذوبة مقتربةً منه وبصوتٍ لطيف كخرير الماء قالت : لقد فاجئتني بالهدية .. شكراً لك حبيبي. ، مد يده مداعباً خصلات شعرها الأسود بين أصابعه مطيلاً النظر في عينيها ثم قال : إنه لا شيء . ، ثم أمسك بيدها لصدره مكملاً : هنا هديتكِ الحقيقية .. ذلك الذي امتلكتِ كل دقةٍ فيه.

ابتسمت فهي تعلم جيداً مكانتها في قلبه لكن الذي لم يجعلها تدرك حجم ذلك هو صمته وغموضه الدائم وخصوصاً  مع أقرب المقربين له ، غريب لماذا يفصح لها عن مشاعره فجأة وفي الصباح ؟! هناك أمرٌ ما يخفيه. ، نظرت إليه لبرهة قبل أن تقترح عليه : ما رأيك بنزهةٍ صباحية ؟. ، أومأ برأسه موافقاً فالإقتراح راق له : وهو كذلك. ، ابتعدت عنه برشاقةٍ خارجةً من الحجرة قائلةً: إذن سآمر بتجهيز اللازم ، سأوافيك بعد دقائق.
تابعها حتى أغلقت الباب فتنفس الصعداء وإلتف بجسده نحو النافذة المفتوحة بالستائر المتحركة بأثر الهواء ، اقترب حتى وقف بمحاذاتها ونظر إلى حديقة المنزل ووجد ابنه الصغير ذا العامين يلعب بصحبة خادمته الخاصة ، ابتسم حينما تذكر أن وجوده في هذه الحياة نتيجةَ قصةَ وفاقٍ  بينه وبين زوجته قبل أن يكون حُب ، تلك التي تنازلت عن أمورٍ كثيرة من حقها الحصول عليها ليقينها بأن الله تكفل بتعويضها أحسن مما رغبت وتمنت ثم أنها تعلم يقيناً بأن ما كان لا يستطيع الحصول عليه حينها سيأتي الوقت الذي يمكنه وبسهولة الحصول عليه وتعويضها عنه فهي تثق به وتعرفه جيداً لذلك أحبته ذاك الحُب الكبير.

" حـبـيـبـي ... " تنبه لصوتها خلفه فالتفت ليجدها تقف في منتصف الحجرة حاملةً بين يديها معطفه المفضل وعلى وجهها ابتسامة طفلةٍ سعيدة ، اقترب منها ليأخذ معطفه لكن أبعدته عنه في إصرارٍ لإلباسه بنفسها فهم مغزاها فاستدار كي تُلبسه ففعلت ثم طبعت قُبلتها المعتادة بين كتفيه ثم أحاطته بذراعيها لدقائق ورأسها على ظهره ، أمسك بيديها واستدار نحوها قائلاً : هيا بنا .. تأخرنا.
ردت : هيا بنا .. السيارة جاهزة وهي في انتظارنا في الخارج .
هز رأسه رفضاً: بل أنا من سأقود .. هذا الصباح لنا وبنا يحلو.

أيدته بنظراتها المُحبة ، تلك النظرات التي تحكي الكثير وأكثر من الكلام ، خرجا بأيدي متشابكةً وحُباً يكبر في كل دقيقة.